تفسير ابن كثر - سورة البقرة - الآية 71

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَّا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَّا شِيَةَ فِيهَا ۚ قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ ۚ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ (71) (البقرة) mp3
" قَالَ إِنَّهُ يَقُول إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ " أَيْ إِنَّهَا لَيْسَتْ مُذَلَّلَة بِالْحِرَاثَةِ وَلَا مُعَدَّة لِلسَّقْيِ فِي السَّاقِيَّة بَلْ هِيَ مُكَرَّمَة حَسَنَة صَبِيحَة مُسَلَّمَة صَحِيحَة لَا عَيْب بِهَا " لَا شِيَة فِيهَا " أَيْ لَيْسَ فِيهَا لَوْن غَيْر لَوْنهَا وَقَالَ عَبْد الرَّزَّاق عَنْ مَعْمَر عَنْ قَتَادَة مُسَلَّمَة يَقُول لَا عَيْب فِيهَا وَكَذَا قَالَ أَبُو الْعَالِيَة وَالرَّبِيع وَقَالَ مُجَاهِد : مُسَلَّمَة مِنْ الشِّيَة. وَقَالَ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ : مُسَلَّمَة الْقَوَائِم وَالْخَلْق لَا شِيَة فِيهَا قَالَ مُجَاهِد : لَا بَيَاض وَلَا سَوَاد وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَة وَالرَّبِيع وَالْحَسَن وَقَتَادَة : لَيْسَ فِيهَا بَيَاض . وَقَالَ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ : لَا شِيَة فِيهَا قَالَ لَوْنهَا وَاحِد بَهِيم وَرُوِيَ عَنْ عَطِيَّة الْعَوْفِيّ وَوَهْب بْن مُنَبِّه وَإِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد نَحْو ذَلِكَ وَقَالَ السُّدِّيّ لَا شِيَة فِيهَا مِنْ بَيَاض وَلَا سَوَاد وَلَا حُمْرَة . وَكُلّ هَذِهِ الْأَقْوَال مُتَقَارِبَة فِي الْمَعْنَى وَقَدْ زَعَمَ بَعْضهمْ أَنَّ الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى " إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ" لَيْسَ بِمُذَلَّلَةٍ بِالْعَمَلِ ثُمَّ اِسْتَأْنَفَ فَقَالَ " تُثِيرُ الْأَرْضَ " أَيْ يُعْمَل عَلَيْهَا بِالْحِرَاثَةِ لَكِنَّهَا لَا تَسْقِي الْحَرْث وَهَذَا ضَعِيف لِأَنَّهُ فَسَّرَ الذَّلُول الَّتِي لَمْ تُذَلَّل بِالْعَمَلِ بِأَنَّهَا لَا تُثِير الْأَرْض وَلَا تَسْقِي الْحَرْث كَذَا قَرَّرَهُ الْقُرْطُبِيّ وَغَيْره " قَالُوا الْآن جِئْت بِالْحَقِّ" قَالَ قَتَادَة الْآن بَيَّنْت لَنَا وَقَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد بْن أَسْلَمَ وَقَبْلَ ذَلِكَ وَاَللَّهِ جَاءَهُمْ الْحَقُّ " فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ " قَالَ الضَّحَّاك عَنْ اِبْن عَبَّاس كَادُوا أَنْ لَا يَفْعَلُوا وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الَّذِي أَرَادُوا لِأَنَّهُمْ أَرَادُوا أَنْ لَا يَذْبَحُوهَا يَعْنِي أَنَّهُمْ مَعَ هَذَا الْبَيَان وَهَذِهِ الْأَسْئِلَة وَالْأَجْوِبَة وَالْإِيضَاح مَا ذَبَحُوهَا إِلَّا بَعْد الْجَهْد وَفِي هَذَا ذَمّ لَهُمْ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ غَرَضهمْ إِلَّا التَّعَنُّت فَلِهَذَا مَا كَادُوا يَذْبَحُونَهَا . وَقَالَ مُحَمَّد بْن كَعْب وَمُحَمَّد بْن قَيْس فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ لِكَثْرَةِ ثَمَنهَا وَفِي هَذَا نَظَر لِأَنَّ كَثْرَة الثَّمَن لَمْ يَثْبُت إِلَّا مِنْ نَقْل بَنِي إِسْرَائِيل كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ حِكَايَة أَبِي الْعَالِيَة وَالسُّدِّيّ وَرَوَاهُ الْعَوْفِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ عَبِيدَة وَمُجَاهِد وَوَهْب بْن مُنَبِّه وَأَبُو الْعَالِيَة وَعَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد بْن أَسْلَمَ أَنَّهُمْ اِشْتَرَوْهَا بِمَالٍ كَثِير وَفِيهِ اِخْتِلَاف ثُمَّ قَدْ قِيلَ فِي ثَمَنهَا غَيْر ذَلِكَ وَقَالَ عَبْد الرَّزَّاق أَنْبَأَنَا اِبْن عُيَيْنَة أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن سُوقَة عَنْ عِكْرِمَة قَالَ : مَا كَانَ ثَمَنهَا إِلَّا ثَلَاثَة دَنَانِير وَهَذَا إِسْنَاد جَيِّد عَنْ عِكْرِمَة وَالظَّاهِر أَنَّهُ نَقَلَهُ عَنْ أَهْل الْكِتَاب أَيْضًا وَقَالَ اِبْن جَرِير وَقَالَ آخَرُونَ لَمْ يَكَادُوا أَنْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ خَوْف الْفَضِيحَة إِنْ اِطَّلَعَ اللَّه عَلَى قَاتِل الْقَتِيل الَّذِي اِخْتَصَمُوا فِيهِ وَلَمْ يُسْنِدهُ عَنْ أَحَد ثُمَّ اِخْتَارَ أَنَّ الصَّوَاب فِي ذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمْ يَكَادُوا يَفْعَلُوا ذَلِكَ لِغَلَاءِ ثَمَنهَا وَلِلْفَضِيحَةِ وَفِي هَذَا نَظَر بَلْ الصَّوَاب وَاَللَّه أَعْلَم مَا تَقَدَّمَ مِنْ رِوَايَة الضَّحَّاك عَنْ اِبْن عَبَّاس عَلَى مَا وَجَّهْنَاهُ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيق . " مَسْأَلَة" اُسْتُدِلَّ بِهَذِهِ الْآيَة فِي حَصْر صِفَات هَذِهِ الْبَقَرَة حَتَّى تَعَيَّنَتْ أَوْ تَمَّ تَقْيِيدهَا بَعْد الْإِطْلَاق عَلَى صِحَّة السَّلْم فِي الْحَيَوَان كَمَا هُوَ مَذْهَب مَالِك وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ وَأَحْمَد وَجُمْهُور الْعُلَمَاء سَلَفًا وَخَلَفًا بِدَلِيلِ مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَا تَنْعَتُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ لِزَوْجِهَا كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا " وَكَمَا وَصَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِبِل الدِّيَة فِي قَتْل الْخَطَأ وَشِبْه الْعَمْد بِالصِّفَاتِ الْمَذْكُورَة بِالْحَدِيثِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة وَالثَّوْرِيّ وَالْكُوفِيُّونَ لَا يَصِحّ السَّلْم فِي الْحَيَوَان لِأَنَّهُ لَا تَنْضَبِط أَحْوَاله وَحَكَى مِثْله عَنْ اِبْن مَسْعُود وَحُذَيْفَة بْن الْيَمَان وَعَبْد الرَّحْمَن بْن سَمُرَة وَغَيْرهمْ .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • منهج الإمام الترمذي في أحكامه على الأحاديث في كتابه «السنن»

    منهج الإمام الترمذي في أحكامه على الأحاديث في كتابه «السنن»: اقتبس الشيخ - حفظه الله - هذا المبحث من شرحه لحديث جابر - رضي الله عنه - في صفة حجة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو يتضمن الكلام عن أحكام الإمام الترمذي - رحمه الله - التي يُعقِّب بها كل حديثٍ من أحاديثه؛ كقوله: حسن صحيح، أو حسن غريب، أو غير ذلك من أحكامه، فقسمه الشيخ إلى أربعة أقسام.

    الناشر: شبكة الألوكة http://www.alukah.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/314982

    التحميل:

  • التبيان في سجدات القرآن

    التبيان في سجدات القرآن : هذا الكتاب يجمع ما تفرق من كلام العلماء وطرائفهم وفوائدهم حول سجدات القرآن وما يتبعها من أحكام.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/233601

    التحميل:

  • مختصر تفسير سورة الأنفال

    رسالة مختصرة تحتوي على خلاصة تفسير سورة الأنفال.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/264185

    التحميل:

  • المتحابين في الله

    « المتحابين في الله » يحتوي هذا الكتاب على العديد من العناصر، منها: كيف تكون المحبة في الله؟، ومعناها، ومكانتها ... إلخ من المسائل المهمة والتي ساقها المصنف بإسناده، والكتاب نسخة مصورة من إصدار مكتبة القرآن، بتحقيق الشيخ مجدي فتحي السيد - حفظه الله -.

    المدقق/المراجع: مجدي فتحي السيد

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/55322

    التحميل:

  • كيف تكون مفتاحًا للخير؟

    كيف تكون مفتاحًا للخير؟: رسالةٌ مختصرة جمع فيها المؤلف - حفظه الله - ستة عشر أمرًا من الأمور التي تُعين على أن يكون العبد مفتاحًا للخير; مغلاقًا للشر.

    الناشر: موقع الشيخ عبد الرزاق البدر http://www.al-badr.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/316778

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة